الإسلام يدعوك لحياة أفضل
الحياة مشروع عمل، ينتهي كأي مشروع إلى النجاح أو الإخفاق، وبالتالي لابدّ أن يعدّ الإنسان نفسه ويُوفِّر لطريقه الطويل عدّة العمل ومستلزمات التوفيق، قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة/ 197).
والإسلام، كرسالة إلهيّة ودين ربّاني، امتاز بأنّه يدعو إلى الجمع بين حسن حياة الدنيا وثواب الآخرة، من دون رهبانيّة تترك الدُّنيا وزينتها، أو انجراف مع المادّيات إلى الحدّ الذي ينسى فيه الآخرة.. ويكون ذلك بسلوك نهج الطهر والعفاف والوسطيّة والإعتدال.
فالإسلام يدعو
لحياة أفضل ولو قرّر للناس، من سائر الأديان وشتّى المذاهب، أن يستحضروا خزين الحكمة ويستهدوا بالعلم والتجربة لما اختاروا إلّا ما اختاره الله تعالى لهم، من هدىً ورحمة وشريعة وأحكام، تنير لهم دروب الظلام وتهديهم للتي هي أقوم، من حياة أكثر صحّة وسلامة،
أفضل لأجسامهم وأرواحهم، ومسالك توصلهم إلى المعالي من الخلق ونظافة السلوك وخدمة الناس وصلاح المجتمع.
فهنا حيث
الإسلام يكون الصراط المستقيم والطريق الأقصر
لحياة أفضل، ليس من أجل ثواب الآخر ورضا الله تعالى، وهو الرضوان الأكبر فحسب، بل من أجل دنيا سعيدة وسلام دائم يملأ النفس ويعمّ المجتمع.
لننظر إلى عناوين محطات الإستراحة في طريق الدِّين وأسماء محلّاته وجاداته، لنعرف ماذا يضمر لنا
الإسلام من معانٍ وماذا يحمل لنا من أهداف:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...) (البقرة/ 143).
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) (البقرة/ 177).
(... يُرِيدُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بَكُمُ الْعُسْرَ...) (البقرة/ 185).
(... رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة/ 201).
(... إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/ 222).
(... وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً...) (البقرة/ 269).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/ 277).
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ...) (البقرة/ 285).
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ...) (آل عمران/ 110).
(إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أهْلِهَا...) (النِّساء/ 58).
(... قُلْ للهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...) (الأنعام/ 12).
(وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَام...) (يونس/ 25).
(... ألَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ) (الرَّعد/ 28).
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (الرَّعد/ 29).
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ...) (الإسراء/ 9).
(... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان/ 74).
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا...) (القصص/ 77).
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً...) (الرُّوم/ 21).
(فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ...) (الزُّمر/ 17-18).
(... وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...) (الحجرات/ 13).
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
|
(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق/ 3-5).
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر/ 1-3).
هذه الآيات، وسائر آيات القرآن، وكذلك الأحاديث الشريفة تدعو جميعاً إلى إقامة مجتمع السلم والرحمة والعدل والإحسان، في هذه الأرض، والإستفادة من سائر النعم الإلهيّة لإسعاد البشرية، لتعيش عيشة راضية مرضية، بعيداً عن الفقر والمرض والجهل والظلم.. في مجتمع يتأخى فيه الناس فهم فيه سواء، هم عباد الله المكرّمون، الذين شرّفهم الله وفضّلهم على سائر مخلوقاته، وسخّر لهم ما في السّماوات والأرض، ليكونوا خلفاءه وحاملي غاياته الخيرة.
مَنْ مِن الناس لا يحب أن ينعم بوسام الشرف في الجمال والكمال، ويعيش الرِّضا والهناء، يحبّ الله ويحبّه، ويودّ الناس ويودُّونه؟
مَنْ من البشر لا يريد الخير لنفسه ولغيره، ولا يرتضي الحقّ والعدل في شؤون المجتمع، ولا يريد العفّة والطهر والنظافة وإكتساب المكارم والتمتُّع بالطيِّبات من الرِّزق والإبتعاد عن الخبائث والأوساخ والرذائل؟
هذه هي الحياة التي أرادها الله لنا، أن ننعم بالأمن والسلام، يسلم من لساننا وأيدينا الآخرون، كما نسلم منهم، نحب لهم ما نحب لأنفسنا، ونعمل من أجل أن يشيع الصلح والسلام في سائر الأرض، من دون أن يظلم بشر أو تنتهك حقوق أحد.
إنّ يوم الإنسان المسلم يبدأ بالتسليم لله تعالى والحمد له وذكر رحمته، التي وسعت كل شيء، والتوجّه لطاعته وطلب العون منه للسير في طريق الأنبياء والأولياء الذين لم تكن لحظات حياتهم إلّا بركة ولم تحظّ الإنسانيّة منهم إلّا الخير..
لم يمنع
الإسلام التمتّع بخيرات الدنيا، بل هي نعم الله وهداياه لعباده الأحبّاء، كما قال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف/ 32).
ولكن حرّم الله الخبائث، ممّا يضرّ بصحّة الإنسان وسلامته ويؤثِّر على إنسانيّته وفطرته الخيِّرة.. (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ)، وهذا المنهج يرتضيه كل عاقل ويختاره